لأعود إلى حيث أكون أنا، بكل تناقضاتي وأحلامي وآلامي. إلى القسم الذي أنتمي إليه، حيث الصمت هو اللغة، والحكمة هي الكلمة الأخيرة. أعود إلى حيث يتحدث القلب بصوت أعلى من الألسنة، حيث تبوح العيون بأسرارها الدفينة، وتُسطر النفوس حكاياتها في صمت مهيب. هنا، في هذه الزاوية المنسية من الوجود، أجد طمأنينة العابرين، وأمان العارفين 


أعود لألملم شتات نفسي، لأعيد ترتيب أفكاري وأحلامي. في هذا الصمت، أجد ملاذاً من صخب الحياة، وملجأً من زحام الأيام. أجد راحةً وسكينةً، أستعيد بها قوتي لأواصل الرحلة، متسلحاً بحكمة المستمعين لا المتكلمين. هنا، أجد نفسي أمام مرآة الحقيقة، أواجه ذاتي بلا زيف ولا تصنع. هنا، أستطيع أن أكون أنا بكل ما أحمله من ضعف وقوة، من خوف وشجاعة، من شك ويقين. 


أعود الى حيث تختبئ الطفولة في زوايا الذاكرة، تلك الطفولة التي لم تُلطخها تعقيدات الحياة ولم تُلوثها هموم الكبار. أعود إلى تلك الأحلام البريئة، والأماني التي كانت تحلق في السماء بلا حدود. هنا، أجد نفسي أستعيد جزءًا من تلك البراءة، وأسمح لأحلامي أن تنمو من جديد، بلا قيود ولا خوف.


لأعود إلى حيث يكون الصمت لغة التواصل الأكثر صدقًا، حيث تُقال الحقائق بلا كلمات، وتُفهم المشاعر بلا تفسيرات. هنا أجد السلام الذي يُعيد لي التوازن، وأكتشف أن الصمت ليس فقط نهاية للكلام، بل بداية لفهم أعمق. هؤلاء الذين لا يرغبون في الكلام، هم في الحقيقة الأكثر حكمة، لأنهم يعرفون أن الصمت أحياناً يكون أبلغ من الكلام، وأن العيون قد تعبر عن ما تعجز الكلمات عن وصفه.

Post a Comment

0 Comments